Admin Admin
عدد المساهمات : 367 تاريخ التسجيل : 01/10/2011 الموقع : https://apoharp18.forumegypt.net
| موضوع: من آداب الحج الأربعاء أكتوبر 12, 2011 12:09 pm | |
| من آداب الحج
بسم الله الرحمن الرحيم
**وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ**
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بيان دقائق الآداب في الحج ،، وهي عشرة : الأول أن تكون النفقة حلالاً وتكون اليد خالية من تجارة تشغل القلب وتفرق الهم حتى يكون الهم مجرداً لله تعالى والقلب مطمئناً منصرفاً إلى ذكر الله تعالى وتعظيم شعائره. وقد روي في خبر من طريق أهل البيت "إذا كان آخر الزمان خرج الناس إلى الحج أربعة أصناف سلاطينهم للنزهة وأغنياؤهم للتجارة وفقراؤهم للمسألة وقراؤهم للسمعة"(1) وفي الخبر إشارة إلى جملة أغراض الدنيا التي يتصور أن تتصل بالحج، فكل ذلك مما يمنع فضيلة الحج ويخرجه من حيز حج الخصوص؛ لاسيما إذا كان متجرداً بنفس الحج بأن يحج لغيره بأجرة فيطلب الدنيا بعمل الآخرة. وقد كره الورعون وأرباب القلوب ذلك إلا أن يكون قصده المقام بمكة ولم يكن له ما يبلغه فلابأس أن يأخذ ذلك على هذا القصد، لا ليتوصل بالدين إلى الدنيا بل بالدنيا إلى الدين. فعند ذلك ينبغي أن يكون قصده زيارة بيت الله عز وجل ومعاونة أخيه المسلم بإسقاط الفرض عنه. وفي مثله ينزلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "يدخل الله سبحانه بالحجة الواحدة ثلاثة الجنة: الموصي بها والمنفذ لها ومن حج بها عن أخيه"(2) ولست أقول لا تحل الأجرة أو يحرم ذلك بعد أن أسقط فرض الإسلام عن نفسه، ولكن الأولى أن لا يفعل ولايتخذ ذلك مكسبه ومتجره فإن الله عز وجل يعطي الدنيا بالدين ولا يعطي الدين بالدنيا. وفي الخبر "مثل الذي يغزو في سبيل الله عز وجل ويأخذ أجراً مثل أم موسى عليه السلام ترضع ولدها وتأخذ أجرها"(3) فمن كان مثاله في أخذ الأجرة على الحج مثال أم موسى فلابأس بأخذه فإنه يأخذ ليتمكن من الحج والزيارة فيه، وليس يحج ليأخذ الأجرة بل يأخذ الأجرة ليحج كما كانت تأخذ أم موسى ليتسير لها الإرضاع بتلبيس حالها عليهم .
الثاني أن لا يعاون أعداء الله سبحانه بتسليم المكس وهم الصادون عن المسجد الحرام من أمراء مكة والأعراب المترصدين في الطريق. فإن تسليم المال إليهم إعانة على الظلم وتيسير لأسبابه عليهم فهو كالإعانة بالنفس؛ فليتلطف في حيلة الخلاص فإن لم يقدر فقد قال بعض العلماء - ولابأس بما قال - إن ترك التنفل بالحج والرجوع عن الطريق أفضل من إعانة الظلمة فإن هذه بدعة أحدثت وفي الانقياد لها ما يجعلها سنة مطردة وفيه ذل وصغار على المسلمين ببذل جزية. ولا معنى لقول القائل إن ذلك يؤخذ مني وأنا مضطر فإنه لو قعد في البيت أو رجع من الطريق لم يؤخذ منه شيء بل ربما يظهر أسباب الترفه فتكثر مطالبته فلو كان في زي الفقراء لم يطالب فهو الذي ساق نفسه إلى حالة الاضطرار .
الثالث التوسع في الزاد وطيب النفس بالبذل والإنفاق من غير تقتير ولا إسراف بل على اقتصاد، وأعني بالإسراف التنعم بأطيب الأطعمة والترفه بشرب أنواعها على عادة المترفين. فأما كثرة البذل فلا سرف فيه. إذ لا خير في السرف ولا سرف في الخير، كما قيل. وبذل الزاد في طريق الحج نفقته في سبيل الله عز وجل والدرهم بسبعمائة درهم. قال ابن عمر رضي الله عنهما: من كرم الرجل طيب زاده في سفره. وكان يقول أفضل الحاج أخلصهم نية وأزكاهم نفقة وأحسنهم يقيناً. وقال صلى الله عليه وسلم "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة فقيل له يا رسول الله ما بر الحج? فقال: طيب الكلام وإطعام الطعام"(4) .
الرابع ترك الرفث والفسوق والجدال كما نطق به القرآن. والرفثاسم جامع لكل لغو وخنى وفحش من الكلام ويدخل فيه مغازلة النساء ومداعبتهن والتحدث بشأن الجماع ومقدماته، فإن ذلك يهيج داعية الجماع المحظور والداعي إلى المحظور محظور. والفسق اسم جامع لكل خروج عن طاعة الله عز وجل. والجدال هو المبالغة في الخصومة والمماراة بما يورث الضغائن ويفرق في الحال الهمة ويناقض حسن الخلق. وقد قال سفيان: من رفث فسد حجه، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب الكلام مع إطعام الطعام من بر الحج. والمماراة تناقض طيب الكلام فلا ينبغي أن يكون كثير الاعتراض على رفيقه وجماله وعلى غيره من أصحابه بل يلين جانبه ويخفض جناحه للسائرين إلى بيت الله عز وجل ويلزم حسن الخلق وليس حسن الخلق كف الأذى بل احتمال الأذى وقيل سمي السفر سفراً لأنه يسفر عن أخلاق الرجال.ولذلك قال عمر رضي الله عنه لمن زعم أنه يعرف رجلاً: هل صحبته في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق? قال: لا، فقال: ما أراك تعرفه .
الخامس أن يحج ماشياً إن قدر عليه فذلك الأفضل. أوصى عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما بنيه عند موته فقال: يا بني حجوا مشاة فإن للحاج الماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قيل وما حسنات الحرم? قال: الحسنة بمائة ألفوالاستحباب في المشي في المناسك والتردد من مكة إلى الموقف وإلى منى آكد منه في الطريق. وإن أضاف إلى المشي الإحرام من دويرة أهله فقد قيل إن ذلك من إتمام الحج قاله عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم في معنى قوله عز وجل "وأتموا الحج والعمرة لله" وقال بعض العلماء: الركوب أفضل لما فيه من الإنفاق والمؤنة ولأنه أبعد عن ضجر النفس وأقل لأذاه وأقرب إلى سلامته وتمام حجه. وهذا عند التحقيق ليس مخالفاً للأول بل يبنغي أن يفصل. ويقال من سهل عليه المشي فهو أفضل فإن كان يضعف ويؤدي به ذلك إلى سوء الخلق وقصور عن عمل فالركوب له أفضل، كما أن الصوم للمسافر أفضل وللمريض ما لم يفض إلى ضعف وسوء خلق.وسئل بعض العلماء عن العمرة: أيمشي فيها أو يكتري حماراً بدرهم? فقال: إن كان وزن الدرهم أشد عليه فالكراء أفضل من المشي، وإن كان المشي أشد عليه كالأغنياء فالمشي له أفضل؛ فكأنه ذهب فيه إلى طريق مجاهدة النفس وله وجه. ولكن الأفضل له أن يمشي ويصرف ذلك الدرهم إلى خير فهو أولى من صرفه إلى المكاري عوضاً عن ابتذال الدابة. فإذا كانت لا تتسع نفسه للجمع بين مشقة النفس ونقصان المال فما ذكره غير بعيد فيه .
السادس أن لا يركب إلا زاملة أما المحمل فليجتنبه إلا إذا كان يخاف على الزاملة أن لا يستمسك عليها لعذر وفيه معنيان أحدهما: التخفيف على البعير فإن المحمل يؤذيه. والثاني: اجتنات زي المترفين المتكبرين "حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلة وكان تحته رحل رث وقطيفة خلقة قيمتها أربعة دراهم وطاف على الراحلة لينظر الناس إلى هديه وشمائله" (5)وقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "خذوا عني مناسككم"(6) وقيل إن هذه المحامل أحدثها الحجاج وكان العلماء في وقته ينكرونها. فروى سفيان الثوري عن أبيه أنه قال: برزت من الكوفة إلى القادسية للحج ووافيت الرفاق من البلدان فرأيت الحاج كلهم على زوامل وجوالقات ورواحل وما رأيت في جميعهم إلا محملين. وكان ابن عمر إذا نظر إلى ما أحدث الحجاج من الزي والمحامل يقول : الحاج قليل والركب كثير ثم نظر إلى رجل مسكين رث الهيئة تحته جوالق فقال: هذا نعم من الحجاج.
السابع أن يكون رث الهيئة أشعث أغبر غير مستكثر من الزينة ولا مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر فيكتب في ديوان المتكبرين والمترفهين ويخرج عن حزب الضعفاء والمساكين وخصوص الصالحين، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بالشعث والاختفاء ونهى عن التنعيم والرفاهية في حديث فضالة بن عبيد وفي الحديث "إنما الحاج الشعث النفث "(7) ويقول الله تعالى "انظروا إلى زوار بيتي قد جاءوني شعثاً غبراً من كل فج عميق" (8)وقال تعالى "ثم ليقضوا تفثهم" والتفث الشعث والاغبرار، وقضاؤه بالحلق وقص الشارب والأظفار. وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد: اخلولقوا واخشوشنوا. أي البسوا الخلقان واستعملوا الخشونة في الأشياء. وقد قيل: زين الحجيج أهل اليمن لأنهم على هيئة التواضع والضعف وسيرة السلف. فينبغي أن يجتنب الحمرة في زيه على الخصوص والشهرة كيفما كانت على العموم. فقد روي "أنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر فنزل أصحابه منزلاً فسرحت الإبل فنظر إلى أكسية حمر على الأقتاب فقال صلى الله عليه وسلم أرى هذه الحمرة قد غلبت عليكم قالوا فقمنا إليها ونزعناها عن ظهورها حتى شرد بعض الإبل"(9) .
الثامن أن يرفق بالدابة فلا يحملها ما لا تطيق والمحمل خارج عن حد طاقتها والنوم عليها يؤذيها ويثقل عليها كان أهل الورع لا ينامون على الدواب إلا غفوة عن قعود وكانوا لا يقفون عليها الوقوف الطويل قال صلى الله عليه وسلم "لا تتخذوا ظهور دوابكم كراسي"(10) ويستحب أن ينزل عن دابته غدوة وعشية يروحها بذلك فهو سنة (11)وفيه آثار عن السلف. وكان بعض السلف يكتري بشرط أن لا ينزل ويوفي الأجرة ثم كان ينزل عنها ليكون بذلك محسناً إلى الدابة، فيكون في حسناته ويوضع في ميزانه لا في ميزان المكاري. وكل من آذى بهيمة وحملها ما لا تطيق طولب به يوم القيامة. قال أبو الدرداء لبعير له عند الموت: يا أيها البعير لا تخاصمني إلى ربك فإني لم أكن أحملك فوق طاقتك. وعلى الجملة في كل كبد حراء أجر فليراع حق الدابة وحق المكاري جميعاً وفي نزوله ساعة ترويح الدابة وسرور قلب المكاري. قال رجل لابن المبارك: احمل لي هذا الكتاب معك لتوصله فقال: حتى استأمر الجمال فإني قد اكتريت. فانظر كيف تورع من استصحاب كتاب لا وزن له، وهو طريق الحزم في الورع فإنه إذا فتح باب القليل انجر إلى الكثير يسيراً يسيراً .
التاسع أن يتقرب بإراقة دم وإن لم يكن واجباً عليه ويجتهد أن يكون من سمين النعم ونفيسه، وليأكل منه إن كان تطوعاً ولا يأكل منه إن كان واجباً. قيل في تفسير قوله تعالى "ذلك ومن يعظم شعائر الله" إنه تحسينه وتسمينه. وسوق الهدي من الميقات أفضل إن كان لا يجهده ولا يكده. وليترك المكاس في شرائه فقد كانوا يغالون في ثلاث ويكرهون المكاس فيهن: الهدي والأضحية والرقبة، فإن أفضل ذلك أغلاه ثمناً وأنفسه عند أهله، وروى ابن عمر "أن عمر رضي الله عنهما أهدى بختية فطلبت منه بثلمائة دينار فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعها ويشتري بثمنها بدناً فنهاه عن ذلك وقال بل أهدها"(12) وذلك لأن القليل الجيد خير من الكثير الدون. وفي ثلثمائة دينار قيمة ثلاثين بدنة وفيها تكثير اللحم ولكن ليس المقصود اللحم إنما المقصود تزكية النفس وتطهيرها عن صفة البخل وتزيينها بجمال التعظم لله عز وجل ف "لن ينال اللهَ لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم" وذلك يحصل بمراعاة النفاسة في القيمة كثر العدد أو قل "وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بر الحج فقال: العج والثج"(13) والعج هو رفع الصوت بالتلبية، والثج هو نحر البدن. وروت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما عمل آدمي يوم النحر أحب إلى الله عز وجل من إهراقه دماً وأنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وإن الدم يقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفساً"(14) وفي الخبر "لكم بكل صوفة من جلدها حسنة وكل قطرة من دمها حسنة وإنها لتوضع في الميزان فابشروا"(15) وقال صلى الله عليه وسلم "استنجدوا هداياكم فإنها مطاياكم يوم القيامة" .
العاشرأن يكون طيب النفس بما أنفقه من نفقة وهدي وبما أصابه من خسران ومصيبة في مال أو بدن إن أصابه ذلك فإن ذلك من دلائل قبول حجه. فإن المصيبة في طريق الحج تعدل النفقة في سبيل الله عز وجل الدرهم بسبعمائة درهم بمثابة الشدائد في طريق الجهاد فله بكل أذى احتمله وخسران أصابه ثواب فلا يضيع منه شيء عند الله عز وجل. ويقال إن من علامة قبول الحج أيضاً ترك ما كان عليه من المعاصي وأن يتبدل بإخوانه البطالين إخواناً صالحين، وبمجالس اللهو والغفلة مجالس الذكر واليقظة. [ كتاب إحياء علوم الدين / أبو حامد الغزالي ] (1)أخرجه الخطيب من حديث أنس بإسناد مجهول وليس فيه ذكر السلاطين ،ورواه عثمان الصابوني في كتاب المائتين فقال:تحج أغنياء أمتي وأوساطهم للتجارة وفقراؤهم للمسألة وقراؤهم للرياء والسمعة. (2)أخرجه البيهقي من حديث جابر بسند ضعيف. (3)أخرجه ابن عدي من حديث معاذوقال مستقيم الإسناد منكر المتن. (4)أخرجه أحمد من حديث جابر بإسناد لين ورواه الحاكم مختصرا وقال صحيح الإسناد . (5)أخرجه الترمذي في الشمائل وابن ماجه من حديث أنس بسند ضعيف. (6)أخرجه مسلم والنسائي واللفظ له من حديث جابر. (7)أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر وقال غريب. (8)أخرجه الحاكم وصححه من حديث أبي هريرة دون قوله :من كل فج عميق،وكذا رواه أحمد من حديث عبدالله بن عمر. (9)أخرجه أبو داوود من حديث رافع بن خديج وفيه رجل لم يسم. (10)أخرجه أحمد من حديث سهل بن معاذ بسند ضعيف،ورواه الحاكم وصححه من رواية معاذ بن أنس عن أبيه. (11)أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بإسناد جيد "أن النبي صلى الله عليه وسلـم كان إذا صلى الفجر في السفر مشى "رواه البيهقي في الأدب وقال "مشى قليلا وناقته تقاد". (12)أخرجه أبو داوود وقال "انحرها". (13)أخرجه الترمذي واستغربه وابن ماجه والحاكم وصححه والبزار واللفظ له من حديث أبي بكر وقال الباقولي" أي الحج أفضل ". (14)أخرجه الترمذي وحسنه ابن ماجه وضعفه ابن حبان،وقال البخاري :إنه مرسل ووصله ابن خزيمة. (15)أخرجه ابن ماجه وصححه البيهقي من حديث زيد ابن أرقم في حديث فيه "بكل شعرة حسنة قالوا فالصوف قال بكل شعرة من الصوف حسنة"وفي رواية البيهقي"بكل قطرة حسنة"قال البخاري :لا يصح.وروى أبو الشيخ في كتاب الضحايا من حديث علي"أما إنها يجاء بها يوم القيامة بلحومها ودمائها حتى توضع في ميزان حسناتك"يقولها لفاطمة.
اللهم ما كان من خطأ أو نسيان فمن نفسي ومن الشيطان وما من توفيق فمنك وحدك لا شريك لك نفعنا الله وإياكم رزقنا حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا آمين يا رب العالمين
| |
|