ثم هممت بالنزول فنادانى ربى عز وجل على رسلك يا محمد إنى مفترض عليك وعلى أمتك فريضة من وفى بها دخل الجنة ومن قصر عنها فإن شئت غفرت له وإن شئت عذبته فلاضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة فى كل يوم وليلة فقلت سمعنا وأطعنا ثم نزلت وهو يصلى ويسلم على فلم أزل أسير حتى أتيت أخى موسى ابن عمران عليه السلام فلما رآنى نهض قائما وقال مرحبا الصادق الحبيب أمن عند ربك ؟قلت : نعم ، قال :ما أعطاك ؟قلت :أعطانى وأرضانى ،قال : فما أعطى أمتك قلت أعطاهم وأرضاهم وفرض على وعليهم خمسين صلاة فى اليوم والليلة قال موسى فارجع واسأله التخفيف فإن أمتك أمه آخر الزمان جسدهم ضعيف وعمرهم قصير لا يطيقون ذلك فاسأل ربك أن يخفف عنهم فقلت يا أخى ومن يخترق تلك الحجب التى أخترقتها قال موسى اسأله من هنا فإنه قريب مجيب واذا بالنداء من العلى الأعلى أسال ما شئت فقد أجبتك قلت يارب أمتى ضعفاء لا يقدرون على خمسين صلاة قال فحط عنى وعن أمتى خمسا فرجعت إلى موسى وقلت له فقال أرجع إلى ربك واسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق فلم أزل أسال ربى عز وجل وموسى يكلمنى حتى وهب لى خمسة وأربعين وفرض على وعلى أمتى خمس صلوات قال موسى اسأله التخفيف قلت يا أخى قد استحيت من ربى فنادانى ربى يا محمد ارجع وقد جعلناها خمس فى العمل وخمسين فى الميزان كل صلاة بعشر صلوات ما يبدل القول لدى الحسنة بعشر أمثالها ومن فعل سيئة كتب علية سيئة مثلها قال النبى صلى الله عليه وسلم ثم ودعت موسى وانصرفت حتى أتيت أخى جبريل عليه السلام وإذا هو قائم على حاله لم يتقدم ولم يتأخر فلما رآنى عانقنى وقال مرحبا يا حبيب رب العالمين أى شىء أوتيت من ربك فقلت أعطانى ربى فضلا عظيما وإحسانا وشرفا وعطاء كثيرا وكراماً جزيلا قال علمت أنك أكرم الخلق على الله تعالى ثم أخذ بيدى وسرنا حتى أتينا الجنة وإذا أنا ملك عظيما الخلقة حسن المنظر بهى الوجه والنور يلوح من وجهه جالس على كرسى من نور وعليه الحلى والحلل فقلت يا أخى يا جبريل من هذا قال هذا رضوان خازن الجنان فتقدمت وسلمت عليه فلما رآنى نهض مبتسما ورد على السلام وعانقنى وصافحنى وقال مرحبا بالنبى الناصح والأخ الصالح فقال جبريل يا رضوان خذ بيد حبيب الله وأره الجنة وما أعد الله له ولأمته فأخذنى وأدخلنى الجنة فنظرت فإذا أرضها بيضاء مثل الفضة وحصاؤها من اللؤلؤ والمرجان وترابها المسك ونباتها الزعفران وأشجارها ورقة من فضة وورقة من ذهب والثمار عليها مثل النجوم المضيئة والعرش سقفها والرحمة حشوها والملائكة سكانها والرحمن جارها فأخذ رضوان بيدى وسرنا بين أشجارها وما فيها من سرور وعيون وحور عين وأبكار وقصور عاليات وولدان كأنهن الأقمار وخدم وحشم وكرم وأنعام ونعيم ومقام وخلود وسعود ودوام وفرح فى جوار الملك العلام ورأيت قبة من لؤلؤة بيضاء معلقة بلا علاقة تحملها أو تمسكها لها الف بابا من الذهب الأحمر على كل بابا ألف وصيفة ورأيت داخل القبة ألف مقصورة فى كل مقصورة ألف غرفة فى كل غرفة ألف سرير على كل سرير ألف فراش من الأستبرق بين كل فراش وفراش نهر من ماء يجرى وفوق كل فراش حورية تحير الناظرين وتدهش الخاطر فرفعت متعجبا وإذابالنداء من العلى الأعلى أتتعجب من ذلك يا محمد أنظر إلى صدر القبة ترى العجب فتأملت فإذا هى مد البصر وإذا فيها قبة من الزمرد الأخضر وفيها سرير من العنبر الأبيض مرصع بالدر والجوهر عليه جارية كحلاء نجلاء شكلاء دعجاء أحسن من الشمس والقمر وأين للشمس والقمر حسن وملاحة مثل ما لها خلقها الله من قدمها إلى ركبتها من الكافور الأبيض ومن ركبتها إلى صدرها من المسك الإذفر لها ألف وستمائة ذوابة من الشعر لو أشرفت على أهل الأرض لأضاء من خنصرها المشرق والمغرب ولو بصقت فى البحر المالح لأصبح عذبا فقلت يا أخى يا جبريل لم هذا النعيم العظيم والعطاء الجسيم فقال يا حبيب الله هذا لمن يموت وهو يشهد أن لا إله ألا الله وأنك رسول الله حقا قال ورأيت نعيما وملكا كبيراًً ورأيت فيها سبعة أنهر نهر من ماء ونهر من لبن ونهر من خمر ونهر من عسل ونهر السلسبيل ونهر من الرحيق ونهر من التسنيم ونهر من الكوثر أزل أنزل من سماء إلى سماء فما مررت على شىء فى السموات إلا وهو يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله فلما انتهينا إلى السماء الدنيا إذا الليل على حاله لم يتقدم ولم يتأخر فركبت وأتيت مكة شرفها الله تعالى وعظمها ونزلت عن البراق فودعنى جبريل وقال يا محمد إذا أصبحت فحدث قومك بما رأيت من العجائب فى هذه الليلة وبشرهم برحمة الله تعالى فقلت يا أخى يا جبريل إنى أخاف أن يكذبونى فقال جبريل إن كذبوك صدقك أبوبكر فلا تبال بمن كذبوك بعده قال النبى صلى الله عليه وسلم فنمت على فراشى إلى وقت صلاة الصبح ثم قمت فصليت الصبح ثم خرجت ألى باب المسجد وكان من عادة أبى جهل الخبيث إذا مر على يقول بم نبئت يا محمد البارحة فمر على وسألنى على حسب عادته فقلت له أسرى بى قال إلى أين فقلت إلى بيت المقدس ثم إلى العرش وختطبت الحق وخاطبنى وأعطانى وأكرمنى ورأيت الجنة وما أعد الله لأهلهامن النعيم المقيم ورأيت النار وما أعد الله لأهلها من الزقوم والحميم قال أبو جهل : يا محمد أكتم هذا الأمر ولا تتكلم به وإلا كذبك الخلق فقلت له أأكتم أمرا أنعم الله به على وقد قال تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث ) قال أبو جهل لعنه الله :يا لله العجب من قولك هل تقدر أن تحدث قومك بما أخبرتنى به فقلت نعم فنادى الخبيث فى أهل مكة شرفها الله تعالى يا أهل مكة هلموا إلى فاجتمع أهل مكه كلهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا وقال يا معشر قريش اعلموا أن الله سبحانه وتعالى أسرى بى فى هذه الليلة إلى بيت المقدس ثم عرج بى إلى السموات السبع وشاهدت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ورفعت إلى العرش ودست على بساط النور وخاطبت الحق وخاطبنى ورأيت الجنة والنار وجعلت أصف هذا كله وأبو بكر الصديق يقول صدقت يا صفوة الله صدقت يا حبيب الله فقال أبو جهل الخبيث وصفت فأحسنت فما أريد منك خبر السماء ولكن نريد منك خبر بيت المقدس كيف هو صفه لنا نعلم أن كلامك حق وقولك صدق فأطرق النبى صلى الله عليه وسلم رأسه إلى الأرض لأنه دخل بيت المقدس بالليل ومر عليه راجعا با لليل ولم ير له علامة ولا إشارة فأوحى الله إلى جبريل أن أهبط إلى بيت المقدس واقتلعه بأرضه وجباله وتلاله وأوديته وأزقته وشوارعه ومساجده وأبسطه بين يدى حبيبى محمد قال فعند ذلك هبط الأمين جبريل على النبى صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس فجعل النبى ينظر إليه ويصفه مكانا مكانا وموضعا موضعا حتى أطرقوا جميعا إلى الأرض وأبو بكر الصديق يقول صدقت يا حبيب الله ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم لما كنت أنا وأخى جبريل فى الهواء رأيت من بنى مخزوم فلانا وفلانا هم وركب عند جبل الأراك وقد ضل منهم جمل أورق فناديتهم من الهواء إن جملكم فى واد النخل وهم عند طلوع الشمس من الغد يغدون عليكم فإذا جاءوكم فاسألوهم فلما أصبح ذلك اليوم وكان الركب بعيدا ولم يقدروا أن يدركوا مكة عند طلوع الشمس فأمسك الله فى ذلك اليوم الشمس حتى لحق الركب مكة إكراما وتصديقا لكلام سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولما طلعت الشمس دخل الركب مكة وأخبروا أنه ضل منهم بعير قالوا وكنا نبحث عنه فنادانا شخص من الهواء إن البعير فى واد النخل فأتينا الوادى فوجدناه كما ذكر لنا فلما سمع المسلمون ذلك فرحوا فرحا شديداًًً وضجوا بالتهليل والتكبير وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حوله وهو بينهم كالقمر وهم حوله كالنجوم وأسلم فى ذلك اليوم أربعة آلاف رجل وضجت الملائكة فى السموات بالتهليل والتكبير إكراما للبشير النذير وعاداه أبو جهل وجحده وحسده وقال هذ سحر عظيم منك يا محمد وأقبل النبى صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه بما رآه فى السمواتع والعرش من العجائب وما رآه فى الجنان من النعيم الدائم لأهل محبته وما رآه فى النار والجحيم من الحميم والعذاب الأليم لأعدائه وهذا أخرج المعراج (تم بحمد الله)
الحمد لله والشكر لله أننا مسلمون والله يعطينا الهدى والهداية من عنده